لقد ذُكرت معاصي قوم قارون أكثر من مرّةٍ في القرآن الكريم وفي القصّص والرّوايات الدّينيّة والتّاريخيّة، وروت الكتب عن عقاب الله عزّ وجل الذي لقيه قارون وقومه نتيجة المعاصي والذّنوب التي ارتكبوها.
محتويات الصفحة
من هو قارون
قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب يذكر أنّه ابن عم أب النّبي موسى عليه السّلام، وهو واحدٌ من قوم موسى أيّ من بني إسرائيل، عاش قارون حياته في ثراءٍ فاحشٍ، لكنذه لم يقدر أيّ من هذه النّعم، ولم تزده هذه الثّروة إلى تكبرًا وطغيانًا في الأرض، فلم يصدّق منها كما أمر الله بل فتن غيره بهذا المال وتفاخر وتكبّر، قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ۞ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 76-77].
معاصي قوم قارون
معاصي قوم قارون كانت سبباً في خسف الأرض بقارون الذي تكبّر وعلا في الأرض علوًا كبيراً، قال تعالى: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ۞ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [القصص: 81-82] وتتمثّل معاصي قارون في:
- فتن قومه بالمال حيث أنّ الله وهبه المال والنّعم والرّزق وكان يتفاخر بهم على قومه.
- قارون لم يحمد الله ويشكره على النّعم التي آتاه.
- لم يتصدّق قارون من النّعم بل على العكس تفاخر وطغى وفسد.
- سميت أموال قارون كنوزًا؛ لأنَّه اكتنزها ولم يُزكي منها.
فوائد قصة قارون
تبين قصة قارون عدّة عبرٍ ودروسٍ يجب على المسلم أن يتّمعّن فيها ويستفيد منها، وتتّجلى هذه الدّروس في:
- عدم الظّلم أو التّعدي على حقوق الآخرين، والتّخلي عن صفات التّكبر والتّفاخر على النّاس.
- يجب على الشّخص أن يعلم أنّ الله عزّ وجل له حقٌ في ماله، وأنّه هو عزّ وجلّ من أنعم عليه بهذه النّعم ويمكن أن يسلبها منه متى أراد.
- يجب الموازنة بين الدّنيا والآخرة، فالنّبي موسى عليه السلام طلب من قارون أن لا يغترّ بالدّنيا وأن يؤتي كلّ ذي الحقّ حقه لكنّه أبى، فخسف به الله الأرض وعاقبه أشدّ عقابٍ.
- عدم اتّباع وساوس الشّيطان، حيث أنّ قارون كان شديد العبادة حتى إنّه اعتزل في الجبل وظلّ يتعبد أربعين عاماً لكن اتّبع أهواء الشّيطان وخرج عن طريق الحقّ وأبى عن ذكر الله، وفُتحت لقارون الدّنيا فنسي ما كان عليه من الزّهد والعبادة.
تعرّف على: ومن احياها فكانما احيا الناس تفسير
النبي الذي عاصر قارون
أرسل الله عزّ وجل النّبي موسى كمنذرٍ ومبشرٍ لبني إسرائيل وقد كان قارون من أوّل أتباع النّبي موسى وأكثرهم إيماناً وتعبداً، لكنّه سرعان ما تكبر وطغى وتفاخر بكنوزه، قال عز وجل: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77] وقد نبهه النّبي من أن يبخل بمال الله الذي وهبه، ودعاه أن يطلب رضا الله تعالى ويتصدّق منها، لكنّه لم يستجب لدعوة النّبي موسى عليه السّلام فعاقبه الله عزّ وجلّ بخسف الأرض من تحته، وعرف قارون أنّ ماله لن ينقذه من غضب الله.
في هذا المقال تمّ التّعرف على معاصي قوم قارون الّتي كانت سبباً في خسف الأرض به بالإضافة إلى ذكر الدّروس المستفادة من قصّة قارون.
Leave a Comment